تُعدُّ عملية إبراز الناحية المقصدية للفكر الإسلامي أمراً في غاية الأهمية، ذلك لأنَّ هذا الجهد يأتي في سياق المحاولة لمعالجة جوانب الخلل والتقصير في الفكر الإسلامي، وخطوة جريئة لتخطِّي الأزمة الفكرية والعقلية التي يعيشها المسلمون، وقفزة نوعية في مجال النظر الكلِّي والفهم الشمولي. متجاوزين بذلك حشر أنفسنا في زاوية ضيقة فرضها علينا العقل الجزئي، لننطلق في رحاب هذا الفهم العميق الذي تتطلبه عملية إعادة البناء الحضاري، وإصلاح مناهج الفكر، من خلال تحكيم هذا الدين، والعيش في ظلاله الوارفة. وحتى تتضح لنا أهمية الفكر المقصدي بصورة أكثر جلاء، فلا بدّ من النظر في تاريخ هذا الفكر، ومدى صلته بتراثنا الفكري والديني. ومن هنا تأتي أهمية هذا البحث، ذلك أنه يُسلِّط الضوء على المحطَّات التاريخية البارزة التي مرّ بها الفكر المقصدي، بدءاً بعهده الأول في زمن النبي rومروراً بعهد الصحابة والتابعين، وأئمة الفقه، ومرحلة النضوج، وانتهاء بالعصر الحديث. وذلك في محاولة لاستلهام أصالته، وعُمق صلته بالتراث، الأمر الذي يتطلبه بيان أصالة الدعوة إلى إحياء الفكر المقصدي، وبيان أنَّ هذه الدعوة ليست بدعاً من القول، ولم تأت من فراغ، وأنها ليست مجرَّد حركة استعراضية طارئة ومستحدثة، وإنما هي دعوة لها أصولها وتاريخها، وهي وثيقة الاتصال بالتشريع الإسلامي منذ تباشيره الأولى، وضاربة جذورها في تاريخ الأمة الأصيل (كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء)[إبراهيم: 25]
Attachment | Size |
---|---|
_في_تاريخ_الفكر_المقصدي.doc | 157 KB |