الناظر في شروح العلماء لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأئمة من قريش" ، يلحظ وبشكلٍ واضحٍ وملموس أنه طرأ تحوّلٌ في فهم الحديث وأسلوب تناوله. فقد كانت قريش صاحبة السيادة والرّيادة بين الناس، فناسبَ أنْ تكون الإمامة فيهم، لأنّ الناس اعتادوا على التبعيّة لها. غير أنّ هذه المكانة بدأت تتراجع، ولم يعُد الناس تبعاً لها كما كانوا بالأمس. ومع اهتزاز مكانة قريش وجدنا أنّ مفهوم الحديث بدأ يتغير في نظر شرّاحه، فبينما كان جمهور السابقين يقولون بشرط القرشية في الإمام، فإنه لا يوجد الآن تقريباً من يقول بهذا الشرط.
وخرجنا من هذا البحث بأن القرشية هي شرط أفضلية وكمال لا شرط صحة، فإذا اجتمع قرشيٌّ وغير قرشيّ وفيهما الشروط نفسها والكفاءة نفسها، يقدَّم القرشيّ، وإنْ تميّز الآخر على القرشيّ بصفاته وكان أكثر أهلية لهذا المنصب فهو أحقُّ به، ولا عبرة بقرشيّة الأول. فالإمامة ليست محصورة فيهم، بل يجوز أنْ يكون الإمام قرشياً وغير قرشيّ. وهو الأمر الذي يُفهم من ورود بعض الروايات بشكلٍ مقيَّد يشير إلى أن الإمامة ليست في قريش بشكلٍ مطلق، وأنما هي فيهم ما استقاموا على أمر الله، وإلا سقط حقهم في الخلافة. فالقضية ليست قضية عشيرة ونسب، لأن ذلك ليس من مقاصد الإمامة، وإنما من مقاصدها قوّة النفوذ وهيبة السلطان لتحقيق المصلحة للأمة ودفع الشر عنها.
Attachment | Size |
---|---|
دراسة_تحليلية_نقدية_في_شروح_العلماء_لحديث_الأئمة_من_قريش.doc | 181 KB |