علم الآثار الفلسطيني، آفاق وتحديات

Loay Abualsaud's picture
Published at: 
جامعة النجاح الوطنية
Year: 
2013
AttachmentSize
الآثار الفلسطيني، آفاق وتحديات.doc44.5 KB
علم الآثار الفلسطيني، آفاق وتحديات أعرض في هذا المقال البسيط آفاق ومستقبل علم الآثار الفلسطيني وذلك للتعرف على المشاكل التي تواجهه، على اعتبار أن التراث الثقافي الفلسطيني جزءً لا يتجزء من التراث الإنساني. ﺇذ يعد هذا التراث ممثلا لتاريخ الشعب العربي الفلسطيني وهويته، وصورة لتعاقب الحضارات كافة على أرض فلسطين. ومن هذا المنطلق، لا بد من حمايته وعرضه للسائح الأجنبي كونه مخزون استراتيجي يمكن أن يؤدي في المستقبل-إن توفرت الرغبة لدينا جميعاً-إلى تزويد دولتنا الفلسطينية بالدخل الاقتصادي الكافي لاستمراريتها الاقتصادية والانصراف عن الاعتماد على الدول المانحة في هذا المجال وتوفير اكتفاء ذاتي خالص. لم تكن الأحوال والظروف السياسية ومازالت في فلسطين مواتية للدراسات الأثرية ولا حتى لتساعد ولو بشكل أو بآخر على تطوير البحث الأثري في فلسطين. لقد كانت الحفريات والأبحاث والدراسات الأثرية دائماً وفي جميع الحالات والفرص وفي الكثير من المرات حتى الوقت الحاضر بأيدي مؤسسات وجامعات أجنبية وبالتعاون مع خبراء وأقسام في الدولة العربية المجاورة سواء كان ذلك في الأردن أم مصر أم إسرائيل. وللأسف فإن المثل اللاتيني القائل بما معناه (في البداية نأكل ومن بعد ذلك نكتب فلسفة primum uiuere deinde filosofare ) ينطبق على الوضع الحالي في فلسطين. وبخاصة أن الحكومات الفلسطينية المتعاقبة تعاني باستمرار من توفير الدخل الاقتصادي لموظفيها، فكيف يمكن لها أن تنفق أموالاً على مشاريع غير ضرورية، من وجه نظر البعض الغير مهتمين لخدمة التراث الفلسطيني وآثاره وتسويقه جهلاً منهم في أهميته الوطنية والقومية. وهنا لا بد من عرض المشاكل التي تواجه علم الآثار الفلسطيني على شكل نقاط رئيسية أعرضها على النحو التالي:  عدم توفر تقنيات حديثة في الحفر الأثري. عدم توفر طاقم أثري مؤهل يعمل على توثيق جميع المواد والمواقع الأثرية بطريقة علمية صحيحة، وبسبب ذلك كثير من المواد الأثرية فقدت ومعلومات كثيرة أهملت وضيعت، بالرغم من أهميتها في إعادة كتابة تاريخ فلسطين القديم.  تمر الآثار الفلسطينية وتراثها بظروف سياسية صعبة متمثلة بقلة الدعم المالي وتطوير الكفاءات البشرية المؤهلة والمدربة تدريباً جيداً للتنقيب عن الآثار. علماً بأن ميزانية وزارة السياحة والآثار لا تساوي شيئاً مقارنة مع ميزانيات بقية الوزارات الأخرى.  خضوع المناطق الفلسطينية تحت السيطرة الإسرائيلية، وبخاصة المناطق ج، حيث تمنع القوات الإسرائيلية وتضع شروط للدخول إلى بعض المواقع الأثرية أو في بعض الحالات هناك مواقع أثرية تقع حالياً في قلبها المستعمرات الإسرائيلية، على سبيل المثال لا على سبيل الحصر: مقام الشيخ بلال في نابلس منطقة عسكرية مغلقة ويقع في قلبه مستعمرة ألون موريه.  يستخدم علم الآثار الفلسطيني في سبيل تحقيق مآرب سياسية وتسييسه في خدمة الساسة في اسرائيل، حيث تعود بدايات تسييس الآثار إلى نهاية القرن التاسع عشر ميلادي، وبخاصة عندما عقد مؤتمر بال في سويسرا عام 1897م لربط تاريخ الشعب اليهودي بفلسطين من أجل تأسيس وطن قومي لليهود على أرض فلسطين.  عدم قدرة المجتمعات الإنسانية في الوقت الحاضر على استيعاب الأهداف الحقيقية التي وجد من أجلها علم الآثار. فنجد الآثار علم ذو شعبية كبيرة عندما يتم الحديث عن الذهب والكنوز والأمول، ولكن عندما يتم الحديث عن أهمية المواد الأثرية وتحليلها وتقديم تحليلات علمية في سبيل فهم الماضي فهذا لا قيمة له لدى البعض من الناس، بل لدى بعض الحكومات الرجعية التي لا تكترث في الحفاظ على هذا الإرث الحضاري الإنساني، الذي خلفه لنا أجدادنا لكي نتعلم من الأخطاء والمشاكل التي واجههوها، فما أحوجنا الآن في الوقت الحاضر من التعلم من أحداث الماضي.  الضياع المستمر للمواد والبيانات الأثرية التي جمعت بجهد كبير في الماضي (خلال فترات الحكم العثماني والانجليزي والأردني والمصري)، فان هذه المواد تحترق، تضيع أو بكل بساطة تختفي بدون أن يكون لها أي أثر يذكر. إن فقدان الأمل بسبب هذه الظروف له نتائج سلبية وأحيانا يولد الإحباط والكسل والإهمال المبني على الاعتقاد الخاطيء بأنه لا يمكن أن نفعل شيئا، وفي نهاية المطاف، فأن المشاكل المتعلقة بالآثار لا تمثل شيئا على ضوء وجود مشاكل أخرى ذات أهمية كبيرة في فلسطين. ألا وهو مقاومة الإحتلال والتحرر من التبعية الإستعمارية التي مازالت تسيطر على جزء كبير من دول العالم. ومن هنا لا بد من تذكير السلطات المختصة، منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية ودائرة المفاوضات بالمطالبة بالمواد الأثرية التي سلبتها الحكومات والدول التي كانت تحكم في فلسطين خلال القرون الماضية وبخاصة السلطات البريطانية التي تزخر متاحفها ومخازنها بالقطع الأثرية المنقولة من مكانها الأصلي ألا وهو فلسطين.  سرقة الآثار من قبل لصوص الآثار. وهناك نوعين من لصوص الآثار في فلسطين: النوع الأول: لصوص يعملون على سرقة الآثار وذلك من أجل المنفعة الشخصية، بسبب الفقر وسوء الأحوال الإقتصادية لكثير من الأسر الفلسطينية دفعتهم إلى المتاجرة بالآثار وسرقتها. النوع الثاني: لصوص تابعين للاحتلال، أي ينفذون أهداف الاحتلال، يعملوا على بيع إسرائيل جميع المواد الأثرية الفلسطينية من أجل عرضها في المتاحف في اسرائيل لكي يشاهدها السياح من مختلف أنحاء العالم وبالتالي يعطي انطباع بأن إسرائيل هي صاحبة الحق في فلسطين. هذه هي المشاكل التي يعاني منها بشكل عام علم الآثار الفلسطيني، رغم أن حل كثير من هذه المشاكل يعد في غاية السهولة، وما ينقص هنا سوى الإرادة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب عن طريق وضع الكفاءات المتخصصة في أماكنها الحقيقية، حتى نرتقي إلى مستوى الدول العصرية المتحضرة في هذا العالم الذي نعيش به.