مسلسل يوسف الصديق

jaberba's picture
Published at: 
رابطة أدباء الشام
Year: 
2010
AttachmentSize
مسلسل يوسف الصديق299.79 KB

تقاس الشّعوب والأمم المتحضّرة في إنتاجها من المعارف والعلوم والفنون والآداب، وقدرتها على خلق منتوج الثقافة الفنية المتطورة، فهي من أكثر الأدوات تأثيراً في الجماهير والناس وتوجيه أذواقهم ومشاعرهم نحو مجموع القيم الدينية والاجتماعية والإعلامية المثمرة والبناءة.

لهذا فكل أمّة عظيمة تبحث عن مكامن القوّة في تحريك القلوب والعقول وبناء شخصيتها الفكرية، واستخدام كل طاقاتها الإبداعية.

وان هذه الأعمال الفنية التي قدمتها إيران الرسمية ومنها مسلسل مريم المقدسة وأهل الكهف وآخرها مسلسل يوسف الصديق، أسهم في إعادة الوعي الجمعي والذاكرة الحيّة لأمة الإسلام، التي تعيش مخاضاً عسيراً.

فهناك أناس من الرسميين العرب والمسلمين وغيرهم، لا يرى إلا من خلال منتوج العمّ سام وتابعيه، وكذا إطلاق فضائيات التعري والغناء الهابط، ودعمها. والأدهى من ذلك أن كل هذه الأعمال الرخيصة تدعم ممن يظنّون أنفسهم حماة الإسلام والأوطان.

 لكن مسلسل يوسف الصديق، وعبر هذا الأداء التمثيلي الرائع والإعداد النصّي المميز المرتكز والمستقى من القرآن الكريم وكتب التّفسير والرّوايات التّاريخية. وكذلك الإعداد والتّصوير والإخراج المتقن، أعاد الثقة بأنفسنا أن هذه الأمّة قد وضعت أقدامها على سلم الرقي والإبداع والسمّو، وعبر تسخير مال العرب والمسلمين لنهضة الأمّة عسكريا وثقافيا وفنيا.

أمّا ظهور شخصيات الأنبياء والصّحابة والصّالحين فهو أمر مشروع، شريطة أن تتوافق شخصية الممثّل الحياتية مع أدائه التّمثيلي، حتى لا يشوّه شخصية هذا النبّي وغيره في أذهان المشاهدين، حينما تكون حياة الممثل، خمراً وفساداً.

فنحن نريد من المسلمين أن يقتدوا ويتأسّوا بالرّسل والأنبياء والعظماء واقعاً وسلوكاً وتمثيلاً، وأنّ فعل مشاهدة رسولنا الأعظم محمد "ص" وزوجته عائشة للأحباش وهم يلعبون ويمثلون في المسجد خير دليل على مشروعيته والشاعر يقول:

فتشبهوا بخطى الكرام فإنّه          إنّ التشبّه بالكرام فلاح

وهناك من الأمة من يُريد جرّها إلى الضلالة والغواية ظنّناً منهم أن الإسلام نقيض الفنون والغناء والموسيقى. وهؤلاء متخلفون عن ركب كينونة الأمة وكيانها الصحيح، وآخرون وهم الخوارج الجدد الذين ينفرون المسلمين وغيرهم بحجّة أن الفنون والموسيقى بدع وكفر، وهؤلاء يريدون تقزيم الأمة بتحريم كل ما أحله الله، وهم بهذا التشدد ينفرون من الإسلام الكامل، وهم يرون أنفسهم أوصياء على الدين.

فالإسلام لا يقرره المتخلفون عن فهم حقيقة الدين عبر التركيز على بدع القبور، وتناسي بدع القصور، وتدمير آثار الرسول والصحابة، وإبقاء آثار غيرهم. ولا هؤلاء الردّاحين لهؤلاء المتهالكين المتساقطين، أبناء الأفاعي الذين ينخرون بالأمة ضعفاً وغواية وتضليلاً. إنما الأمة تحيا بمجاهديها وعلمائها، ومفكريها، ومبدعيها، لا بالمتسلطين على رقابها من الساسة الفاسدين، الذين يحاولون تقزيم مكنون الأمة.

وأخيراً فإنّ هذه الأعمال الفنية من مسلسل يوسف الصديق يسجل لإيران الثورة، مساهمة فاعلة في نهضة أمّة العرب والمسلمين سياسيّاً وفكرياً وثقافيّاً وفنياً

فواقع أمّة العرب والمسلمين يدل على أنّ أكثريّة أبنائها عرفوا معالم طريق الخلاص، وهم يرنون بقوّة إلى عالم الحرية والعدالة والسؤدد، ويتطلعون لمستقبل مشرق مزدهر، يحمل الخير للمسلمين والعالم اجمع.