Attachment | Size |
---|---|
رسالة الى عقلاء الغرب (1) | 293.47 KB |
لم استطع أن أصمت طويلا، لأن أمورا عظيمة قد بدأت بالظهور، والبلايا قد حلت بالناس جميعا، لذا رغبت في أن أخاطب عقلاء الغرب، كي يفيقوا من غفلتهم، فإني والله مشفق عليهم، فإسهاماتهم العلمية والمعرفية كانت موضع تقديري واحترامي، وكل المنصفين الباحثين عن الحقيقة، فالحضارات الإنسانية تكمل بعضها بعضا وتسد النقص فيما بينها.
ولكن بعد أن بلغ السيل الزبى في هذه الأيام، وبعد أن ادلهمت الخطوب، وطفح الكيل، رغبت أن أكتب إليكم انتم عقلاء الغرب، باعتباري مسلماً عربياً من فلسطين، غيوراً على أمتي العربية والإسلامية، يعز علي أن أرى الغرب وصل على ما وصل إليه من تيه وضياع نتيجة ممارسات زعامته الخاطئة التي تقود شعوبها إلى الهاوية.
أكتب إليكم وأنا ممن نهل من المعرفة الغربية، واستفدت منها كثيرا في حياتي الأكاديمية والعلمية، تعلمت منها أن الإنسان عليه أن يميل إلى الحق ويعدل عن الباطل، منطلقا من الأمانة العلمية والنزاهة العملية.
إن زعامتكم تقودكم إلى الهلاك لأنهم نظروا إلى أنفسهم بمفهوم السيد المطاع، وعلى باقي البشر أن يظلوا عبيدا لهم حتى النهاية، هؤلاء لم يفهموا حقيقة العلاقة التي يجب أن تسود بين الشرق العربي والإسلامي وبين الغرب الذي فقد روحه، ولم يتعلموا من دروس التاريخ شيئا.
هذه العقلية الفوقية التي ترى أن الجنس الغربي بزعامة وجورج بوش الابن رئيس الولايات المتحدة وتابعه توني بلير رئيس وزراء بريطانيا وأعوانهما بأنهما أسياد العالم، وعلى العرب والمسلمين أن يبقوا عبيدا لهما، وأن يرضخوا لمطالبهما ورغباتهما في كل الأحوال والأحايين.
لقد رفع رئيس اميركا بوش شعارا ساذجا منذ أيلول/سبتمبر 2000م، الهجوم على نيويورك وواشنطن يقول فيه: إما أن تكون مع أميركا وإلا فالموت ينتظرك، وتصور نفسه بأنه أحد آلهة اليونان القدماء المطاع، وعلى الجميع أن ينصاع له.
أخاطبكم أنت العقلاء، لترفعوا صوتكم ضد من أعمتهم شراهة الزعامة وبريق الرياسة في أميركا وبريطانيا وممن لف لفهم، لأقول إن الطغيان لا يمكن أن يستمر، وأن شجرة الباطل ضعيفة، وأن تظاهرت بالجلد فشجرة الخير أقوى وأثبت منها.
فالله تعالى جلت قرته وتعالت عظمته هو الخالق لهذا الكون، وهو الإله المطلق لهذا الكون وصاحب الملك والملكوت والمتصرف به، قال تعالى في حديث قدسي: العظمة إزاري والكبرياء ردائي، من خاصمني فيه قصمته ولا أبالي. فمن ينازع الله في ملكه ويشرك في حكمه قصمه الله فالعظمة والكبرياء لله وحده لا شريك له وأمره هو الغالب قال الله تعالى: "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
لقد أن للحق أن يبزغ فالله عز وجل لا يقبل أي منازع له في حكمه وتشريعه، وأن له سننا، فمن سنن الله أن مدعي الإلوهية هالك لا محالة، لذا فشل ما يسمى بالنظام العالمي الجديد في قيادة البشرية وإذ وصلت البشرية في زمانه لفوضى وازدواجية المعايير، والكيل بمكيالين وتقسيم العالم إلى قسمين غرب متغطرس وشرق مستعبد، وشمال يملك كل شيء وجنوب مستقبل لكل شيء.
ولكن سرعان ما نهض مارد الشرق العربي والإسلامي ليصحو من جديد، وليعيد الحق إلى نصابه ويضع حدا للغطرسة والاستعباد والاستكبار.
فهل آن الأوان لأن تفيقوا يا عقلاء الغرب؟