المؤتمر العلمي الفني الفلسطيني الأول -الفن والتراث الشعبي الفلسطيني واقع وتحديات

D. Ahmed Mosa's picture
Research Title: 
دور الفرق الشعبية الفلسطينية في الحفاظ على تراثنا الشعبي وتطويره
Country: 
فلسطين
Date: 
Tue, 2009-10-06
AttachmentSize
الفرق.doc148 KB
Research Abstract: 

الخلاصة

إن قدرة الفرق الشعبية الفلسطينية على الاستمرار وتطوير أدائها وعملها يعبر عن الجهود الحثيثة التي تبذل من قبل القائمين عليها للارتقاء بالمستوى الفني للفرق، مما يؤكد هاجس التجديد والتطوير الدائمين بما يتناسب مع طموح الفرق لتقديم أعمال تراثية وتاريخية مهمة مستوحاة من تاريخنا بلغة معاصرة وحديثة تسهم في تعميق علاقاتنا الإيجابية مع هذا التاريخ، وفي تعريف الآخرين بالجوانب المهمة من هذا التاريخ من خلال لغة يمكن فهمها والتعامل معها في الوقت نفسه الذي تعكس فيه خصوصيتنا الحضارية، والدور الذي لعبه أبناء شعبنا الفلسطيني في مقاومة المحتل وتأكيد قيم الحق والحرية.

كل ذلك لم يمنع الفرق الشعبية الفلسطينية من تأدية دورها في تطوير الأغنية الشعبية وجعل مفهوم العودة والحرية مضمونا رئيسيا فيها ، ففي كافة أغاني فرقة العاشقين نلمس المضمون النضالي والتأكيد على مفهوم العودة ومن ربطه بالكفاح المسلح.

وقد هدفت هذه الفرق إلى الحفاظ على المأثور الشعبي من أهازيج وتيمات لحنية ورقصات شعبية وتطاريز وغيرها وتأكيد هويتنا الفلسطينية العربية لما لذلك من اعتبارات تاريخية تستند إليها نضالاتنا ونؤكد للعالم من خلالها حقنا في أرضنا وميراثنا الشعبي المستباح غصباً، لقد استطاعت هذه الفرق من أداء وتطوير تراثنا الشعبي في العديد من الجوانب نذكر منها:

-       نجحت هذه الفرق في تقديم التراث الشعبي الفلسطيني مع الحفاظ على جوهر ألحانه وإيقاعاته واستبعاد الأداء المشوه.

-       استطاعت هذه الفرق إحياء تراثنا الفلسطيني الأصيل وتطويره وتقديمه في صورته النقية باستعمال أسلوب علمي لا يحتوي على التكرار ولا يسبب الملل.

-       لقد استطاعت هذه الفرق تقديم الغناء التراثي بصورة أصيلة حيث استمدت الأغنية الفولكلورية الفلسطينية مقوماتها من البلد الذي نشأت فيه، وقد كان البعد اللحني (الجملة الموسيقية) يضع السامع في الأجواء الفلسطينية، لأنها تذكره لأول وهلة بلحن شعبي قديم شائع، وكذا الإيقاع الذي كان مختاراً من الإيقاعات الشائعة في فلسطين كثيراً، أما بالنسبة للكلمة ومضمونها وعباراتها فهي مستوحاة من البيئة الفلسطينية وعاداتها وتقاليدها وتعابيرها الوجدانية.

-       قدمت هذه الفرق الأغاني الشعبية الفلسطينية مدخلة عليها بعض التطوير ونجحت في تقديم الأغنية الشعبية بكل ألوانها وقوالبها كالأغنية الريفية التي تميزت بتنوعها وتعدد لهجاتها، مما جعل الأغاني الريفية منهلاً زاخراً بالإيقاعات والألحان والمواضيع الملائمة للأغنية الفلسطينية حيث تتصف الأغنية الريفية بألحانها الراقصة الباعثة على الشجاعة، ورفع الضيم وحب الخير والدفاع المستميت عن الوطن والحب الطاهر، بينما تميزت أغاني البادية الفلسطينية بأنها تغنى في حلقات رجولية وأهم نماذجها السامر الفلسطيني، كما قدمت هذه الفرق أغاني المدينة التي اتسمت بالطرب والتفنن في الغناء، فقد استطاعت الفرق الشعبية الفلسطينية أن تعبر عن الأغنية الفلسطينية التراثية التي تنبع من الأصالة وتتلون بلون جديد ولحن بديع فأوجدت هذه الفرق ذائقة موسيقية جديدة.

-       يعود الفضل إلى هذه الفرق التي عملت على إحياء التراث الفلسطيني مدخلة عليه بعض التطور مما جعل شبيبتنا الآن تقبل على سماع موسيقانا التراثية وتطرب لها لتوافقها مع الخصائص والمقومات الوجدانية والعاطفية والثقافية لهذا الشعب.

-       استطاعت هذه الفرق أن تخدم التراث الشعبي فيرجع لها الفضل في جعل هذا التراث يصمد امام كل التحديات وكل غزو خارجي، ويعود له الفضل ايضاً في أن يستعيد تراثنا الشعبي مكانته ومجده بين مختلف الطبقات من شيوخ وشباب، من خلال حفظه حفظاً مطلقاً ومزاولته وتعليمه.

-       قدمت هذه الفرق الفولكلور الفلسطيني بصورة غير مطابقة تماماً لما نراه في الشارع أو الأعراس والمناسبات، بل قدمت لنا فولكلوراً بقالب جديد مدروس ومؤسس على معرفة.

-       استطاعت هذه الفرق اختصار المسافات وتستحضر الحكايات من عمق الاجداد ترويها غناءً ورقصات ومواويل.

-       اعتمدت هذه الفرق على المشهدية البصرية التي تجذب عين المشاهد بالاعتماد على الإضاءة والديكور والأزياء والموسيقى الصاخبة.

-       وصل مفهوم الستعراض التراثي الشعبي لدى هذه الفرق إلى حدود لأعمال التي تعتمد على المشهدية البصرية المحددة بالحدوتة الشعبية أو الاسطورة الشعبية، والرقص الفولكلوري او الإيقاعي، والغناء الجماعي الذي تتخلله وصلات فردية، في إطار من الديكور ذي المشاهد المتواضعة، مع ما امكن الاستفادة منه من التقنيات الحديثة للصوت والضوء والمؤثرات الأخرى، وتميزت في هذا المجال بعض فرق الفنون الشعبية الفلسطينية منها: فرقة العاشقين، الحنونة، الفنون الشعبية برام الله، سرية رام الله وفرقة شرف الطيبي.

-       ركزت هذه الفرق على أن تكون القصة أحياناً مجرد إشارات وإلماحات حوارية، توميء إلى الحدث إيماءة بكلمة هنا، أو جملة مختصرة هناك أو صرخة عابرة مفسحة المجال للراقصين والراقصات للتعبير باجسادهم عبر حركات فنية إيمائية لينة تشع بالدلالة وتفصح عن المعنى من خلال الأفراد حيناً والمجموعات حيناً آخر.

-       لقد قامت معظم الفرق الفلسطينية بوضع كافة التصميمات لرقصات الفرق والاستمرار بالتدريب على أدائها، لأن بعض الاستعراضات التي قدمتها هذه الفرق يحتاج إلى فترات طويلة من التدريب، وانعكس ذلك على العروض الممتازة التي قدمتها هذه الفرق خاصة من ناحية توحيد الحركة وتصميمات الأزياء والتعبير الحركي لكل أجزاء جسم الراقص. من هنا جاء الاهتمام بالرقص التقليدي حيث قامت بعض هذه الفرق بتطوير رقصاتها من خلال التدريب والخلق والابتكار، فترتب على ذلك أن تصميمات بعض هذه الفرق الشعبية أصبحت تعتمد على أسس وقواعد راسخة لتطوير الرقص التقليدي، كما قدمت هذه الفرق أنواعا مختلفة ومتنوعة للدبكات الشعبية تالفلسطينية .

-       نجحت بعض هذه الفرق من إدخال عنصر التطوير والتحديث على الرقص الشعبي التقليدي، عندما أوجدت تفاعلاً حميماً بين إرث الرقص الشعبي العربي وفن الباليه وابتكارات مدربي الفرق في مجالات الحركة والرقص وتصميم الأزياء المبتكرة وإيقاع اللحن المساير للحركة ومن هذه الفرق الحنونة والفنون الشعبية وصابرين.

على أي حال تمكنت هذه الفرق من إحياء أرواحنا وإمتاعها بفن راقٍ رفيع المستوى، لا يجدي أي كلام في التعبير عنه لسبب بسيط وهو أن أي عمل فني مرئي أو مسموع إنما وجد ليسمع و يشاهد فقط، وكما استطاعت هذه الفرق من خلال لوحاتها الفنية الراقية أن تشكل حلقة الوصل بين عراقة الشعب الفلسطيني وارتباطه بأرضه وثقافته وتراثه الكنعاني العميق وبين سجله الناصع في مواجهة آلة الحرب الصهيونية وكل المحاولات الهادفة لطمس هويته وسرقة تراثه العريق، ولهذا حسبي فيما كتبت أنني حاولت التعريف بهذه الفرق، وتقديم باقة شكر وعرفان للجهود الكبيرة التي بذلتها، وللمتعة الفنية التي منحتها إياها.

 

 

التوصيات

إن التراث الشعبي الفلسطيني ممثلاً في التراث الصوتي والحركي، يختص بدراسته علماء موسسيقى ورقص الشعوب بمساعدة متخصصين في العلوم الإنسانية الاجتماعية لذا فإنني أوصي:

-       العمل على جمع وتوثيق ودراسة تراثنا الشعبي الفلسطيني بكل أنواعه وأشكاله (الصوتي – الحركي) من خلال إنشاء مراكز يناط بها القيام بهذه المهمة الوطنية.

-       الانطلاق من نظرة شمولية واسعة في تحديد مفاهيم الفنون الصوتية والحركية ومجال العمل فيها.

-       ربط البحث الميداني بالسياق الأدائي والإطار الاجتماعي والحضاري لهذه الفنون.

-       تشجيع العمل الجماعي وتكوين فرق عمل تضم متخصصين في مختلف حقول الثقافة الشعبية.

-       دعم هذه الفرق مادياً ومعنوياً والعمل على إغنائها بالمادة التراثية ومساعدة هذه الفرق من التشبث بتراثنا الفلسطيني الأصيل.

-       مساعدة هذه الفرق على إبراز جوانب عديدة للتراث.