موات اللغة في ضوء معجم العين

2314's picture
Journal Title, Volume, Page: 
مجلّة مجمع اللغة العربيّة الفلسطينيّ، بيت المقدس ـ فلسطين، العدد 2، 2000 م، ص45-63
Year of Publication: 
2000
Authors: 
د . حمدي الجبالي
كلية الآداب، قسم اللغة العربيّة، جامعة النجاح الوطنيّة
Preferred Abstract (Original): 
تَبَلَّرَتْ فِكْرَةُ هَذَا البَحْثِ مِن مُطَالَعَةِ كِتَابِ ( العينِ )، وَالوُقُوفِ عَلَى مَوَادِّهِ، وَكَلِمَاتِهِ كَلِمَةً كَلِمَةً، فَلَفَتَ نَاظِرَيَّ أَنَّ صَاحِبَهُ كَانَ يَنُصُّ عَلَى أَنَّ العَرَبَ، أَو العَرَبِيَّةَ، قدْ أَمَاتَتْ هَذِهِ الكَلِمَةَ، أَو تِلْكَ، مِمَّا كَانَ مُسْتَعْمَلاً، بِمَا يُوحِي لَنَا نَحْنُ أَبْنَاء هَذَا العَصْرِ، أَنَّ هَذِهِ الكَلِمَاتِ المُمَاتَةَ، تَحْمِلُ شَهَادَةَ وَفَاةٍ (خَلِيلِيَّةً )، أَو ( لَيْثِيَّةً )، أَوْ ( عَيْنِيَّةً )؛ لِنَضْرِبَ عَنْهَا الذِّكْرَ صَفْحًا، وَنَنْأَى عَنْهَا اسْتِعْمَالاً. وَلمْ يَكُنْ صَاحِبُ ( العَينِ ) نَسِيجَ وَحْدِهِ، في هَذِهِ السَّبِيلِ. فقدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَدَدٌ مِن اللغَوِيِّينَ، وَسَارُوا في الاتِّجَاهِ ذَاتِهِ. فقدْ أَشَارَ سِيبَوَيهِ ( ت 180 هـ أو غَير ذَلِكَ ) إِلَى أَنَّ العَرَبَ قدْ تَسْتَغْنِي بِالشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ(1). وَعَلَى كَلامِ سِيبَوَيهِ اعْتَمَدَ ابْنُ جِنّي ( ت 392 هـ ) في ( الخَصَائِصِ ) وَعَقَدَ بَابًا سَمَّاهُ: " بَاب في الاسْتِغْنَاءِ بِالشَّيْءِ عَنِ الشَّيءِ"، قَالَ في فَواتِحِهِ: " قَالَ سِيبَوَيهِ: وَاعْلَمْ أَنَّ العَرَبَ قدْ تَسْتَغْنِي بِالشَّيْءِ حَتَّى يَصِيرَ المُسْتَغْنَى عَنهُ مُسْقَطًا مِن كَلامِهِم البَتَّةَ"(2). وَلم يَقِفِ الأَمْرُ عِنْدَ حَدِّ التَّذْكِرَةِ بِأَمْثَالِ هَذَا المُسْتَغْنَى عَنهُ، وَالمُسْقَطِ مِن الكَلامِ، بَلْ تَعَدَّاهُ وَاتَّخَذَ مَنْحًى سَلْبِيًّا، في العُصُورِ المُتَلاحِقَةِ، فَبَدَتْ هَذِهِ المُسْقَطَاتُ المَوَاتُ، وَكَأَنَّ إِحْيَاءَهَا، وَالنُّطْقَ بِهَا، حِرْمٌ حرامٌ. يَقُولُ الفَيرُوزأبادي ( ت 871 ): " وَذَرْهُ أَي دَعْهُ يَذَرُهُ تَرْكًا، وَلا تَقُلْ: وَذْرًا"(3). وَلا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُنْكِرَ أَنَّ مَا يُصِيبُ الكَائِنَاتِ مِن تَحَوُّلٍ، وَتَبَدُّلٍ قَدْ يُصِيبُ الأَلْفَاظَ، فَتَمُوتُ اللفْظَةُ، وَتَنْدَثِرُ في الاسْتِعْمَالِ. وَقدْ مَاثَلَ عُلَمَاءُ اللغَةِ، في هَذَا العَصْرِ، الكَلِمَاتِ بِالأَحْيَاءِ، وَجَعَلُوا لَهَا مَا لِلْكَائِنِ الحَيِّ؛ مَوْلِدًا، وَحَيَاةً، وَمَوْتًا، كَمَا شَاعَ هَذَا التَّمَاثُلُ في كَثِيرٍ مِن عُلُومِ هَذَا العَصْرِ، وَمَعَارِفِهِ بِتَأْثِيرِ مَا يُعْرَفُ بِعِلْمِ الحَيَاةِ ( البيولوجيا )، بَلْ إِنَّ أَحَدَهُم، وَهُو دار مستتر (Darmesteter )، مِن عُلَمَاءِ اللغَةِ الفَرَنْسِيّينَ المُعَاصِرِينَ لِدارون ( Darwin )، وَضَعَ كِتَابًا، عُنْوَانُهُ ( حَيَاةُ الكَلِمَاتِ )(1).
AttachmentSize
موات اللغة في ضوء معجم العين.pdf5.03 MB