قراءات في قصائد:"أنا من هناك" و "بقاياك للصقر" و"لصوص المدافن" و "أنا يوسف يا أبي" من ديوان ورد أقل للشاعر محمود درويش

2147's picture
Authors: 
عادل مصطفى أحمد الأسطة
Current Affiliation: 
قسم اللغة العربية وآدابها، كلية العلوم الإنسانية، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين
Preferred Abstract (Original): 
في صيف عام 1986، وربما قبل الصيف، كان الصديق القاص أكرم هنية ينشر، باستمرار قصائد درويش التي صدرت في "ورد أقل"، وأذكر أنه حثني، في حينه، على ضرورة إنجاز دراسة عن درويش. وكنت يومها محرراً أدبياً أتابع ما يصدر وأكتب عنه كتابات سريعة عابرة، وأذكر أني كتبت عن قصائد "ورد أقل" مقالة عابرة عنوانها "محمود درويش: قاموس جديد ... مفردات جديدة" ونشرتها على صفحة "الشعب" الثقافي.
وأخذت، وأنا أدرس مساق "المدخل إلى تذوق النص الأدبي" في كلية الآداب، في جامعة النجاح الوطنية، أُدرس باستمرار، قصيدة من قصائد "ورد أقل" وكنت، في هذه الأثناء، ألحظ تفاعل الطلبة مع القصائد، وبخاصة بعد شرحها، وظل الديوان يأسرني وتستهويني قصائده. ولا شك في أن الديوان كان موضع دراسات عديدة منها، على سبيل المثال لا الحصر، دراسة الشاعر المصري محمد السيد اسماعيل "من لهجة الخطابة إلى لغة الحياة: ورد أقل نموذجاً" (مجلة القاهرة، يونية، 1995، ع151، من 102 وما بعدها). ولكن هذا لا يمنع من الكتابة عنه وفي قصائده، وبخاصة أن بعض الكتابات النقدية تجعل من النص المدروس نصاً صعب الفهم، لأنها تعقد القول ولا تبسطه، حتى إن الإنسان يتساءل: أوظيفة النقد أن يعقد النص أم يهونه ويوضحه؟ ولا أقصد بـ (يهونه) الهوان.
لقد حاولت في قراءتي النصية هذه لأربعة نصوص من "ورد أقل" أن أشرح النصوص. فكأنني هنا أعود إلى مضى، وأسير على نهج شيوخنا القدامى الذين كانوا يشرحون الدواوين: وهكذا فإنني لست ناقداً حداثياً، إنني سلفي وأسير السلفية. ولكن لا بأس! فلقد شاع في القرن التاسع عشر وفي بدايات القرن العشرين تعريف للنقد يرى في أن النقد هو تحليل وشرح للنصوص. وأنا هنا آخذ أيضاً بهذا التعريف. ولكن السؤال الذي يثار هنا هو ما الذي دفع بك إلى فعل هذا؟
ثمة أسباب عديدة منها مثلاً الاتهام الذي يوجهه بعض المدرسين في الجامعات من أن أشعار درويش في "ورد أقل" تتسم بالغموض، ومنها ما يدور على ألسنة بعض الطلاب من أنهم لا يفهمون درويش جيداً، ومنها أنني أرغب شخصياً في الالتفات إلى درويش باعتباره شاعراً مميزاً، على الرغم من أن بعض النقاد أحياناً لا يلتفتون إليه. هل يعقل مثلاً أن ينجز باحث عربي كتاباً ضخماً عن المدينة في الشعر العربي، دون أن يلتفت إلى موضوع المدينة في شعره؟ (ربما يكون ذلك عن قصد أو عن غير قصد)، ومنها أنني ما زلت أواصل تدريس قصائده في الجامعة.
وعلى الرغم مما سبق فإنني لا أعتقد أنني قلت كل شيء عن "ورد أقل" ثمة ما يستحق أن يتوقف أمامه في أثناء قراءة هذا الديوان، من ذلك مثلاً موسيقى الديوان. لماذا بنى الشاعر قصائده أكثرها على ايقاع واحد وتفعيلة واحدة هي تفعيلة فعولن. ولماذا كتب الشاعر خمسين قصيدة تشكل أكثرها أيضاً من عشرة أسطر. (فكأن درويش هنا يكتب سونيتة تتكون من عشرة أسطر لا من أربعة عشر سطراً). وما هي الضمائر التي وظفها في أثناء الكتابة (الأنا / الهم / النحن / الأنا – أنت / النحن – الأنتم ... الخ) وما موضوع كل قصيدة؟ وما صلة ذلك بأسلوب الخطاب؟ أكان التنوع مجرد تلاعب شكلي أم أنه كان ذا صلة بالموضوع؟ وفوق هذا كله ما دلالة العناوين وما صلة كل عنوان بنصه، ولماذا كان يستخدم درويش العبارة الأولى من القصيدة لتكون عنواناً لها، ثم لماذا اختار "ورد أقل" وهو عنوان إحدى القصائد، لتكون عنواناً للمجموعة؟ هل تغريني هذه الأسئلة للعودة إلى الديوان ثانية؟ لا أدري، إلا أنني مقتنع أن القصائد غنية ولغناها فإنها تغري المرء بالعودة إليها.
هذه القراءات مجرد اجتهاد، وهي لا تعتمد منهجاً واحداً، إنها تفيد من قراءاتي للمناهج النقدية. لعلني أصبت فإن أخطأت فلي أجر الاجتهاد.
AttachmentSize
aswar.pdf175.84 KB