ردا على عقيب الأخ التشادي عبد الرحمن وري الذي جاء فيه:
On 2010-04-17 10:04:04 عبدالرحمن وري commented: أستاذي الفاضل شكرآ مرة أخرى أستاذي أريد اصحح بعد (معلومات)
عن دخول العرب للتشاد قبل السودان بافترة طويلة وأن معظم عرب كردفان ودار فور في السودان يرجعون للأصول
تشادية وليس عكس كما اشرت. وكان اول هجرات جماعية من تشاد إلى السودان مع الثورة المهدية مع القائد التشادي عبدالله التعايشي نائب عبدالرحمن المهدي والحديثة ستين سنة تقريبا....
فأقول: اوافق الأخ الكريم في ما ذهب اليه، وفي تصوري أن عشائر من بني هلال الذين ارتحلوا من المشرق للمغرب عبر سيناء فليبيا قد انساحوا جنوبا عبر منطقة الواوات والمعاطن من الجنوب الليبي الى فايا وأبشة ومنها جنوبا الي منابع بحر العرب وبحر الغزال وبحيرة تشاد وما يليها في افريقيا الوسطى والكمرون، ولعل في هجرة أولاد سليمان والقذاذفة الى تشاد ما يشير الى تلك الطريق القديمة الجديدة. وقد استمعت من خلال التلفزة التشادية الى عجوز تنشد شعرا شعبيا ذكرني بما كنت أسمعه من عرب قحطان وجنوب الحجاز، وأرى في الاهتمام بالخيل علامة على الأصول العربية التي ينحدر منها كثير من التشاديين قدموا رعاة أو غزاة أو ناشرين لدين الله أو تجارا وهذا كله وارد محتمل.فقد وصل تاجر الملح العماني حميد بن جمعة الملقب بتيبوتيب الى شلالات ستانلي في الكنغو واسس امارة عربية اسلامية هناك، ناهيم عن عدد كبير من الهاشميين الذين لاذوا بالصحراء الكبرى وأدغال افريقيا هربا من بطش الحكام الذين كانوا يناصبونهم العداء، الذين وجه القذافي دعوة لهم في الاحتفال بالمولد النبوي الذي اقيم في تمبكتوا قبل عامين ليظهروا آمنين، وقل مثل ذلك في السواحل الشرقية من القارة الإفريقية.
اما انتقالهم من تشاد للسودان والعكس فمحتمل وفي الروايات التاريخية ما يؤكد ذلك.. وقد رصدت في كتابي\" رحلة البربر من المشرق الى المغرب طريقين سلكهما الجنس العربي من الجزيرة العربية الى افريقية أحدهما شمالي عبر سيناء، وممن عبروه اتجهوا جنوبا الى تشاد، والآخر جنوبي عبر باب المندب فارترية وشمال السودان فالواوات الليبية ثم شمالا الى ساحل البحر الابيض. وقد تعقبت بعض اللهجات واللغات المتداولة على جانبي هذا الطريق فوجدت بينها وبين العربية نسبا وصهرا، بل لعل في الدراسة التي اجراها المستشرق رسلر تحت عنوان four strange languages وأراد بها البربرية ولغة البجة من قبائل شرق السودان والمهرية التي ما تزال منها بقية في شرق حضرموت... لعل فيها ما يشير الى جامع ما يجمع بين تلك اللغات، وقد اتيح لي أن اجمع كثيرا من مفردات لغات المحس والدنقلية المتداولة في شمال السودان، وقارنتها مع نظائرها من التجري والأمهرية الدارجة في ارترية والحبشة، فوجدت العلاقة بينها كبيرة.
و في حوالي القرن الثاني عشر كانت قبائل الداجو قد اقامت سلطنة في دارفور.. ثم اعقبتهم التنجر في القرن الخامس عشر الميلادي ثم جاء العرب الى دارفور... والمقصود العرب كظاهرة اجتماعية عريضة وواسعة الحضور، وأدى اختلاطهم بالفور الى ظهور طبقة الكنجارة واسرة «كيرا» التي انتزعت حكم دارفور من التنجر وظل هذا البيت من الفور يحكم دارفور من منتصف القرن السابع عشر حتى عام 1916 على عهد علي دينار.
وقد اصبح الاسلام دين الدولة الرسمي على عهد سليمان صولونج 1640م ومن ذلك التاريخ ارتبط هذا الإقليم بثقافة الحزام السوداني ومراكز الثقافة في تمبكتو في مالي وفاس «الشيخ أحمد التجاني» في المغرب الأقصى والأزهر بمصر، مما يعني أنه كان هناك حراك حضاري وتمدد عربي اسلامي يأتي من المغرب في اتجاه الشرق، عبر تشاد فالسودان.
اما ما ذكرته اخي عبد الرحمن من ان اول هجرة من تساد الى السودان كانت ابان الثورة المهدية فهذا صحيح في التاريخ الحديث، وهذ الهجرات متأخرة، ثم أنه لم تكن هناك حدود بين السودان وتشاد وما تزال قبائل الفور والزغاوة والمساليت وبعض المسيرية، وجل البقارة والأبالة والكبابيش على جانبي الحدود التي صنعتها فرنسا يعيشون حياة واحدة ونمطا واحدا بل ينتمون لأصول واحدة جانس بينها الاسلام والثقافة العربية، فلم يعد الناس هناك يبالون بالعرق والعصبيات لولا الدسائس الاستعمارية التي تسعون من ورائها الى اقتتال الاخوة وبث روح العداوة بينهم كي لا تقوم للأمة قائمة.
باختصار استطيع ان اقول: ان حضور القبائل العربية في تشاد قديم ولا سيما انه لا توجد حواجز طبيعية تحول دون انتقالهم الى تشاد بالرغم من طول المسافة ذلك ان رحلة الانتقال كانت حركة حرة توالت عبر الأحقاب، وما جعل المستشرقون مجموعة اللغات التي يسمونها حامية وسامية_ مجموعة واحدة الا لما بينها من اواصر القربى وأوجه الشبه.