أمـريكا تُحـطِّـم قـيدهـا فهل يحطم اليهود قيدهم*

yahyaj's picture
Year: 
2009

                         

أمـريكا تُحـطِّـم قـيدهـا فمن يحطم قيد أوباما؟*

أو

(السود سيسودون) مع الاعتذار لمعمر القذافي

أ.د. يحيى جبر

 

 

غداة اندلاع الثورة الرومانية عام 1989 بادرت لنشر مقالة في الدستور الأردنية تحت عنوان " انهيار المادية، وبعدما تحول برجا امريكا إلى أثر بعد عين بادرت إلى تحوير مقالة كنت أعددتها من قبل بعنوان "الصدع الرابع بين الروبوت والريموت" فأصبح ( الصدع الخامس بين الروبوت والريموت" انهيار المادية 2)، وفي مقالتي " رسالة إلى بوش؛ نصيحة مجانية" التي نشرت عام 2006، بينت فيها أن نجم امريكا سيأفل بغروب بوش، وستندحر عصابة المحافظين الجدد إلى غير رجعة، مما يشير الى احتمال ان يقوموا "بضربة مودع" تدمر العالم، لأنهم يعلمون أنه لا مقام لهم بعد اليوم، فقد افتضح امرهم، وتقوّض بنيانهم، وعما قريب سيخر عليهم ما شادوه بدماء الشعوب.

وتكاد المعطيات والظروف الراهنة تؤكد أن البيت الأبيض سيشهد قريبا أضخم احتفال في تاريخه، وذلك عندما تزحف الجماهير  لحماية منجزاتها في التغيير المقبل، هذا التغيير التاريخي المفصلي، لا سيما أن الجمهوريين قد لا يدعون الأمور تمر بسلام، ولذلك فإن جماهير أوباما سترفع عقيرتها بصرخات التحدي والنُّصرة في شوارع الولايات المتحدة كلها؛ فأوباما ما كان ليظهر في هذا العصر، وفي هذه الظروف التي أفرزها بغي الإدارات الأمريكية عبر عقود إلا لينتصر. وستنهزم الإدارة الحالية ومن يحتمي بها من أنظمة الشرق والغرب نكالا بما آزرتها ومالأتها في بغيها واستبدادها بمقدرات العالم، تحديدا بعد خروج الاتحاد السوفييتي من الحلبة.

إن ما يجري اليوم في العالم من أحداث ما هو إلا استعدادا لدخول العالم في حقبة تاريخية جديدة، تتبدل فيها المعايير، وينتصر فيها المظلومون والمستضعفون، وتسود فيها القيم الإنسانية التي فرّط بها أهل المصالح المادية، إذ يقدمونها على مصالح شعوبهم وغيرها من شعوب الأرض حتى شاع الفقر وتوالت المجاعات وكثر القتل العبثي، وأصبحت الحياة على الأرض لهوا وعبثا وسباقا على المتع الزائفة. أجل؛ إن في ما يجري اليوم ما ينبئ بتحولات عظيمة تنتظر المنطقة والعالم.

 ويشهد العالم اليوم انهيارا آخر للمادية، انهيار اقتصادي، وليس سياسيا، وهذ الانهيار طام عام، يؤكد ما سبق أن تنبأنا به. وسيكون مع الانهيار السياسي نهاية حقبة تاريخ مظلم؛ ملئت بالظلم والحروب والعدوان وسوء الخلق والانحطاط بالقيم والمعاني. فالسياسة والمال يتكاملان في نظام الحكم، يحمي كل منهما الآخر ويدعمه ويبني عليه ( الملك العضوض الذي قد يكون جمهوريا او حزبيا أو عشائريا).

السود سيسودون

 وهذه مقولة قديمة للقذافي، رصدها القذافي في الجزء الثالث من الكتاب الأخضر، في السبعينات من القرن الماضي، فقد جاء في الكتاب الأخضر" إن آخرعصر من عصور    الرق كان استرقاق الجنس الأبيض للجنس الأسود. وهذا العصر سيظل ماثلاً في ذهن  الإنسان الأسود حتى يشعر بأنه قد رد اعتباره. إن هذا الحدث التاريخي المأساوي،    والشعور المؤلم به، والبحث النفسي عن حالة شعور بالرضا لرد الاعتبارلجنس بحاله       هي سبب نفسي لا يمكن تجاهله في حركة الجنس الأسود ليثأر لنفسه وليسود. مضافاً إلى   هذا ما تحتمه الدورات التاريخية الاجتماعية.. ومنها أن الجنس الأصفر قد ساد العالم     عندما زحف من آسيا على بقية القارات  ثم جاء دور الجنس الأبيض عندما قام بحركة استعمار واسعة شملت كل قارات العالم .. والآن جاء دور الجنس الأسود ليسود كذلك.
وإذا نظرنا  في المتغيرات من ستينات القرن الماضي وظهور السود في المناصب القيادية الأمريكية: كولن باول، وكندوليزا رايس..واوباما، وفي إعلان الجمهوري باول تأييده لأوباما الديموقراطي لزجدنا إشارة واضحة لذلك، وإن ما نخشاه أن يلجأ بعض الموتورين لتأجيج صراعات عرقية في أمريكا.

وينسجم مضمون هذه النبوءة مع الأحلام الوردية التي لطالما رددها  مارتن لوثر كنج في خطاب له بعنوان (( I have a dream )) كقوله:

·    لديّ حلمٌ بأنه في يومٍ من الأيام وعلى تلال ( جورجيا ) الحمراء ، سوف يجلس أبناءُ العبيد السابقين ، وأبناء أصحاب العبيد معاً على مائدةِ الأخوّة.

·    لديّ حلمٌ بأنه في يومٍ من الأيام ، حتى ولاية ( المسيسيبي ) ، والتي تُعدّ صحراء قائظة بفعل حرارة الظلم والاضطهاد ، سوف تتحولُ إلى واحةٍ للحرية والعدالة.

·    لديّ حلمٌ بأن أطفالي الأربعة سوف يعيشون يوماً ما في دولةٍ لا يُحكم عليهم فيها على أساس لون بشرتهم ، وإنما شخصهم وأفعالهم. لديّ اليوم حلم.

·    لديّ حلمٌ بأنه في يومٍ من الأيام في (ألاباما)، والتي بها تقطر شفتا الحاكم كلماتِ التطفّل ومنع تنفيذ قرارات الدولة في الولاية، أحلمُ بأن تتحول الولاية إلى درجةٍ حيث يستطيع الأولاد والبنات السود أن يشبكوا أياديهم بأيادي الأولاد والبنات البيض، ويمشون معاً إخوةً وأخوات .

·    لديّ حلمٌ بأنه في يومٍ من الأيام سوف يُرفع كلُّ وادٍ، وتُخفضُ كلُّ الجبال والتلال، وتُسوّى الأراضي غير المستوية، وتُقوّم الطرق المعوجّة، ويظهر مجد الرب حيث يراه كل البشر معاً . نقلا عن "أحلام مارتن لوثر كنج للدكتور رياض بن محمد
المسيميري"(www.albdoo.com/vb/t21798.html،وwww.saaid.net/Doat/almosimiry/1.htm)

هل تشد اوباما جذوره؟

السود في أمريكا انشدوا لجذورهم، لا نقول بعد أن حررهم لنكولن، ولا بعد ظهور مارتن لوثر الذي أدرك المتعجرف الأبيض خطورة طروحاته فبادر إلى اغتياله، ولكن بعد طول معاناتهم وبعد ما تبين لهم منها لدى عرض مسلسل ( الجذور roots) الذي أعد نصه الأصلي ألكس هالي حول شخصية Kunta Kinte. جاء في مقدمته:

"Brought up on the stories of his elderly female relatives -- including his Grandmother Cynthia، who was emancipated from slavery with her family in 1865 -- Alex Haley purported to have traced his family history back to "the African"، Kunta Kinte، captured by slave traders in 1767. For generations، each of Kunta's enslaved descendants passed down an oral history of Kunta's experiences as a free man in Gambia، along with the African words he taught them. Haley researched African village customs، slave-trading and the history of Blacks in America -- including a visit to the griot (oral historian) of his ancestor's African village -- to produce this colorful rendering of his family's history from the mid-eighteenth century through the mid-twentieth century which led him back to his heartland، Africa."

فهل يعود أوباما لجذوره الإسلامية الإفريقية، فيفاجئ العالم بذلك؟ أو على الأقل: هل يقف من قضايا العالم موقف المنصف العادل الذي لا يتحيز للظالمين والبغاة؟ إن التحول الذي يشهده الشارع الأمريكي من خلال حملة أوباما وطروحاته الداعية للتغيير وجماهيره.. كل ذلك يؤكد أن أمريكا على بوابة حقبة من التاريخ جديدة مختلفة، وشاء العنصريون ام أبوا، فلن يقوم الأسود بعد اليوم من مقعده في الحافلة ليجلس مكانه الأيض، وستفتح المرافق العامة لخلق الله على اختلاف ألوانهم، ولن تجد بعد اليوم لوحة تقول: يمنع دخول السود والكلاب.

 وذهبت الدكتورة نورة خالد السعد إلى أن فوز أوباما هو  "معادلة تاريخية" تقول: وإذا استرجعنا قصة (الجذور) التي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني يحكي قصة تاريخ السود في أمريكا، وما هي معاناة ( كونتاكونتي) الذي كان طفلا تم تعذيبه ثم أصبح مؤلفا لهذه القصة الحقيقية، فهل كان يتصور ذلك الإفريقي، الذي أصبح أمريكيا، وهو يجلد ويعامل معاملة سيئة مثل التي يتم الآن التعامل بها مع الأبرياء في (جوانتنامو) وفي (سجن أبو غريب)، أن أحفاده سيشهدون يوما ما أن يكون رجل أسود اللون اجتمع في جيناته الاندماج الإفريقي والأمريكي، فالأب أسود اللون من كينيا والأم امرأة بيضاء من ولاية كانساس، سيصبح رئيسا للولايات المتحدة تنقاد له ولأوامره معظم دول العالم؟نقلا عن " www.aleqt.com/articlecat.php".

أجل ؛ لقد حطمت أمريكا قيدها، وانعتق افنسان هناك من كثير من العلاقات الظالمة التي كانت تستبد بالمجتع، غلا واحدة هي سطوة رأس المال، فما كانت الأمور لتسير في هذا المجرى لولميتوفر لأوباما كثير من المال، لان الديموقراطية الليبرالية تبقي الزمام في يد الطبقة البرجوازية.

وبالرغم من ذلك، إلا أن في ما حدث مؤشرا ضخما على تحول عظيم سيترك آثاره واضحة جلية ليس على امريكا وحدها، ولكن على كل شعوب الأرض، ذلك لأن آثار البغي المريكي لم تنصب على رؤوس السود وحدهم، وإنما امتدت لتطال محيط الرض وما عليها من العباد والبلاد والشجر والجماد. فهل تهب الشعوب في وجه أذناب النظام الأمريكي البائد... إلى غير رجعة؟ فتنعتق هي الخرى تمهيدا لقيام دولة العدل الإلهي، فلا يكون بعدئذ ظلم أبدا؟

أجل، ستفعل غير بعيد، فهذا عصر الجماهير والثورة، فقد نضج الصراع، وهذا أوان الفرز

انظر مقالة للكاتب بهذا اللفظ في  www.odabasham.net/cat.php?catid=19&page=7 - 54k

 ***********************************

ولكن المطالع في مجريات الأحداث يدرك أن أوباما مكبل، وقد يحاصر، غير بعيد، كما حوصر غيره من زعماء العالم من قبل، والقيود التي باتت تحاصره هي تقاليد الرئاسة الأمريكية التي درجوا عليها أحقابا، والعادات المترسخة التي تنظم العلاقات بين المؤسسات الأمريكية، ناهيك عن اللوبي الصهيوني " المعشش" في الكونجرس وغيره من مراكز القرار، وبالرغم من ذلك بدأت تظهر توجهات جريئة لاوباما يمكن أن تؤدي إلى تغيرات أكيدة وجذرية في الاوضاع الدولية ولا سيما في شرق المتوسط، ومما يرشحها لمزيد من ذلك أن المحتل بدأ يدرك أنه آن له ان يخرج المنجل من جوفه، وأنه ذهب بعيدا في بغيه وعدوانه على الشعب الفلسطيني، وأن الأنظمة التي تدعمه أو تحابيه لم تعد قادرة على المضي قدما في ذلك، فقد استيقظت الجماهير من طويل سبات، وأن الشعب الفلسطيني لم يعد وحده،إضافة إلى  ما تحدثه  حركة الوعي التي بدأت تجتاح العالم في العقد الأخير من آثار، بعد أن ضلله الإعلام الغربي ردحا من الزمن.

قبل شهرين، ولدى انتخاب اوباما، وبعد أن رأيت دموع الفرحة تنهمر من عيون المعذبين في ارجاء المعمورة فرحا بما أنجزه الشعب الأمريكي من تحطيم قيوده.. بادرت حينها لكتابة مقالة أرسلتها لموقعين إلكترونيين لنشرها فلم يفعلا، وسأذكرهما واذكِّرهما عندما يحين الوقت،اعرف أن عنوان المقالة كان مستفزا لكن ليس لأحد، اللهم إلا للعقول المنحصرة في جماجمها، نعم كان ناريا صاخبا يضِجُّ بالمعاني، بل لقد كانت كل كلمة منه تعادل مقالا طويلا... نسوا أننا في زمن المتغيرات التي تاخذ طابع المتوالية الهندسية لا العددية، وأن هذا العصر هو عصر التحرر والانعتاق النهائي للشعوب، عصر العدالة، ولم يبق إلا قليل... أن يتحرر اليهود من الحركة الصهيونية كما تحررت امريكا من المحافظين الجدد، وحينئذ .....تبدأ في الكون مرحلة جديدة، لا تعرف الظلم، ولا مكان فيها لباغ..